المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يا “محمد”, هات كاتشب… !



Sh@rk
15-05-2010, 21:26
بسم الله الرحمن الرحيم

يا “محمد”, هات كاتشب… !


https://i39.tinypic.com/30w4htw.jpg (https://pharamousse.deviantart.com/art/Danger-37804216)



بما أنني بعيد الآن عن القدس و عن شوارعها و أهلها, فما لي سوى أن أكتب عن أحوال شوارع البلد التي أعيش فيها حالياً… جدة. حقيقة قبل أن أبدأ فإن كثيراً من الناس أبدوا تحفظهم على كلامي الذي قلته في تدوينات سابقة من بيروقراطية للحكومة و تكاسل في إنجاز المعاملات, و قالوا بأن هذا الكلام قد يوصلني للسجن و الطرد من البلد. هذا فقط يعطيني مؤشر بسيط عن نوايا الحكومات العربية ككل بشأن التطور و الصعود إلى الأعلى. عندما أتحدث عن بيروقراطية حكومة فهذه ليست جريمة ولا حتى في مقاييس التخلف, و الأمر الآخر هو أنني أريد من الحكومة و موظفيها أن يتحسنوا و يتطوروا… أن يخدموا المواطن أولاً لا أن يسرقوا منه!



مقالتي اليوم سأكتبها عن أحوال شاهدتها كثيراً هنا, خاصة في المطاعم. أين أخلاقنا؟



سأسرد قصة قصيرة تكررت مشاهدها أمام ناظري عدة مرات, يدخل طفل صغير عمره ربما عشرة سنوات أو أكبر قليلاً إلى مطعم وجبات سريعة مثلاً. يبدأ الولد بإصدار الأوامر بكل فظاظة إلى الموظف, عمره قد يكون أضعاف عمر الولد الصغير, و يقف مكانه يتلقى الشتائم و الإهانات من الولد الوقح ليلبي له طلبه.



كنت جالساً على طاولة في زاوية من زوايا مطعم ما, و كان “الكاونتر” أمامي حيث تتقدم بطلبك و تدفع ثم تستلم, طلبت أنا ما أردت ثم جلست آكل. بعد فترة جاء ولد صغير طوله يكاد يصل الكاونتر, و سأله الموظف ماذا تريد فبدأ بإلقاء ما يريد عليه بشكل مزعج و بطريقة الأوامر العسكرية “هات واحد كذا و ثاني كذا, حط عليهم كذا و كذا”, و عندما يخبره بالحساب يناوله النقود “متفضلاً” عليه قائلاً “خذ”! و بعدما يجلس على الطاولة و يستلم طلبه يتذكر أنه يريد المزيد من الكاتشب أو الصلصة فيصرخ بأعلى صوته “يا محمد هات كاتشب!”. أي وقاحة هذه و أية قلة احترام للذات؟!



العديد من أصدقائي السعوديين اشتكوا لي سوء خدمة بعض موظفي المطاعم, و لكن المصادفة أنني أكلت في هذه المطاعم سابقاً و لا سوء في تعاملهم فاتفقنا أن نذهب كلنا و “نختبرهم”. تقدمت أولاً و طلبت ما أريد و رد علي الموظف بكل أريحية و ترحاب و لبى طلبي و لم أشعر أنه تضايق أو أساء معاملتي, عندما جاء دور أصدقائي عاملهم كما يعامل أي سعودي موظفاً مسكيناً مثله! ما هو السبب؟ قبل أن أتقدم بطلبي سلمت عليه و لم أناده بـ “محمد” بل “أخي” و بكل هدوء تفاهمنا على المتوفر على القائمة و الأسعار و دفعت ثمنها و شكرته عندما مد يده لي بباقي النقود. أما أصحابي فلم يسلموا بل بدأوا بإصدار الأوامر مباشرة و لم يشكروه و لو مرة واحدة أو يظهروا له أي لطافة أو طيبة.



بصراحة “محمد” هذه تزعجني أكثر من أي شيء آخر في الموضوع, هذا اسم نبينا صلى الله عليه و سلم, و مع ذلك قد ينادون به الموظف النصراني أو الهندوسي أو أياً كان ما دام وافداً. السعودي أو المقيم هنا لا ينادي أخاه الذي لا يعرف اسمه بـ “محمد” بل بألفاظ مثل “يا طيب, يا بوي, يا خوي…”, لماذا لا ننادى العامل بمثل هذا؟! هل نحن أعلى منهم طبقة مثلاً؟ هل تجرح “كرامتنا” جداً أن ننادي الموظف بـ “أخي”؟! أليس أخاك؟؟! أليس يشهد بأن لا إله إلا الله؟! و لربما علاقته مع ربه أفضل من علاقتك به, و صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم حينما قال: “كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبرّه”… كم منهم يقوم الليل و يصوم النهار يظلم و يسكت, لو سل سيف الدعاء علينا ما سلم من الظالمين واحد. اتقوا الله فيهم, فإن الرزق على الله و إن الأرض أرض الله يورثها من يشاء من عباده.



“يا محمد هات و تعال” ليست مجرد مشكلة عابرة على لسان مجموعة أطفال عابثين, إنها ظاهرة اجتماعية تأصلت فيهم نتيجة تراكمات على المدى الطويل. تأصلت عندما يفعل الولد فعلته و والديه يجلسون على نفس الطاولة يسمعون ولدهم يصب الإهانات على العامل المسكين الذي يقف صامتاً, و الأهل صامتون طبعاً لا ينبسون ببنت شفة. لو فعلت أنا مثل هذه الفعلة النكراء أمام والدي لوبخني و أجبرني على الاعتذار للعامل. أين أخلاقنا؟ أين ديننا الذي يأمرنا بخفض الجناح للمؤمنين؟ أين دور الوالدين في كل هذه الفوضى الأخلاقية و الأزمة المتأصلة في نفوس كثير من سكان هذا البلد؟



علينا أن نفهم أن هذا العامل هو أولاً و أخيراً أجير يحاول كسب رزقه و وظيفته هي خدمة العملاء لا أن يستعبد. عندما يحمل هذا الموظف صينية الطعام إلى طاولتك و هو مطعم “خدمة ذاتية” علينا أن نشكره بحرارة على هذه الخدمة, لأنها ليست ضمن مهماته. و كذلك عندما نترك بكل إهمال و قذارة بقايا ما أكلناه على الطاولة و نغادر المطعم ثم يأتي الموظف لينظف ما تركناه. نفس الشيء, الخدمة ذاتية, عليك أن تحمل بقايا طعامك إلى سلة القمامة و تعيد الصينية مكانها. ترك البقايا هكذا هو من أعمال البهائم و ليس من أعمال البشر أصحاب العقول التي تفكر, و هذا ليس مطعماً من الدرجة الراقية إنه مجرد مطعم وجبات سريعة رخيصة!



يمكنني أن أقول أننا سنرى التطور و النهضة عندما أرى الولد الصغير يحترم الموظف كأنه أخوه الكبير أو عمه (على المقياس الصحيح للأخلاق لا على المقياس المنحرف). عندما نعامل العامل باحترام و تواضع سنتلقى خدمة أفضل منهم و هم سيشعرون بالراحة في عملهم و بالتالي سينعكس هذا على مستوى الخدمات و سرعتها. عندما نبدأ بتحمل نتائج اختياراتنا حتى النهاية سيبدأ مؤشر التطور و النهضة يصعد, و يصعد متسارعاً إلى أعلى نقطة, عندما نربي أبنائنا على الإحترام و الأخلاق, على الإنضباط و احترام القانون مهما كان, عندها بإذن الله سنكون نحن الغالبين و نحن أصحاب القيادة.



لا أريد أن نجلس “ننتظر” هذه اللحظة, الوصول إلى قمة الجبل لا يكون بالتخيل أو الجلوس على صخرة بانتظار أن تحمل “الطبيعة” هذه الصخرة إلى أعلى القمة. الوصول إلى الأعلى يحتاج إلى بذل المجهود في الصعود, يحتاج إلى العمل و ليس فقط الأقوال و الكلام و النظريات.
دمتم متواضعين.
________________________

الموضوع نشرته في مدونتي بتاريخ 15 مايو 2010- (https://wp.me/phEpx-6s)

مكة روحى
15-05-2010, 22:13
ربنا يجازيك خير يا اخى
فعلا الموضوع دة منتشر
صادفنى عندما نزلت السعودية لاول مرة فكل ما يقول شخص يا محمد التفت حتى ظننت ان السعودية كلها اسمها محمد

التنين الجامح
15-05-2010, 22:19
أهذا ما آل إليه اسم النبي عليه الصلاة والسلام ؟؟!! لا حول ولا قوة إلا بالله.

Dr Mohammad
16-05-2010, 00:09
نفس الأمر ألاحظه كثيرا أثناء تواجدى فى السعودية
جزاك الله خيرا أخى الحبيب
لقد أثرت نقطة حيوية للغاية
بارك الله فيك و فى أهل السعودية و فى جميع المسلمين

mahmoud saad
16-05-2010, 02:49
من المواضيع الجميله فى المنتدي
وفعلا لو فيه رقابه من الاهل او عقاب من الاب او الام ماكان الطفل هايقدر يعمل كدا

one-zero
16-05-2010, 03:05
اتابع مدونتك منذ فتره
مواضيعها شيقه وخصوصا رحلتك في الوصول للجامعه
تمنياتي لك بالتوفيق والنجاح

أبو فوفو
16-05-2010, 03:28
والله يا أخي يعجز التعبير و الكلام خاصة عن ما ذكرته في موضوعك (التراكمات الزمنية للتصرفات والمفاهيم السلبية ) التي أصبحت منتشرة وبشكل
رهيب ومخيف جدا ...  

shalanss
16-05-2010, 15:18
للاسف كل ما ذكرت صحيح اخي الكريم

ومعالجة ذلك يبدأ بالاسرة وتريبتها الصحيحة

وانا اريد ان اذكر هنا حوار دار بيني وبين احد المعارف وهو سعودي مثقف و محترم جدا يدعى /ابو علي/ وكان النقاش حول قيادة السيارات

برعونة وعدم احترام الغير وخاصة بالمملكة ولا انسى هنا كلمة ذكرها / ابو علي/ عندما قال لي (انها ثقافة مجتمع ويجب تغييرها و الارتقاء بها) .

Sh@rk
16-05-2010, 17:18
طيب, بعد كل هذا الكلام و الموافقة... هل بدأنا بالتطبيق؟

dohaboy79
16-05-2010, 17:41
هي مش في السعودية فقط .. في قطر تحدث

لدرجة ان ناس مش مسلمين يقولون لهم محمد

أنا أكتفي بكلمة صديق أو رفيق

ZaraLinks
16-05-2010, 17:57
شكرا للموضوع اخي بواسطتك تعرفت على جزء جديد من المجتمعات العربيه
تقديري لافكارك

ahab
19-05-2010, 18:30
بارك الله فيك أخي على هذا الموضوع
هذا الأمر كنت وما زلت أتضايق منه جدًا ، خاصة وأنه من كثرة ما أسمعها أصبحت بلا إدراك أرددها أحيانًا

الآن أتذكر هذا الموقف: عندما كنت في المرحلة الابتدائية وأذهب لتحفيظ القرآن ( الكتاب ) فإذا بامرأة يرتفع صوتها وتحزن لأن اسم ( محمد ) يكتبونه الأولاد على الطريق ويداس عليه بالأقدام

مرة أخرى جزاك الله كل خير

Sh@rk
19-05-2010, 19:29
شكرا لكم يا جماعة على التفاعل

لكن, بصراحة... لا يوجد من لديه وجهة نظر تدافع عن التصرف؟
معظم الشباب يفعلونها, و لكن ما أجده هنا يعاكس الواقع. الكل هنا يوافقني على أنه تصرف خاطئ, و لكن على أرض الواقع الأغلب يفعلونه. هل هو التناقض بين أفعالنا و أقوالنا أم أن يفعلها قرأ و لم يستطع أن يناقش لأنه يعلم خطأه؟!

أريد أن أسمع و بصراحة وجهة نظر شخص يفعلها, ربما لديه وجهة نظر أخرى عن العمالة الوافدة و بالتالي هذا هو تسبب تصرفه

ahab
19-05-2010, 20:57
أريد أن أسمع و بصراحة وجهة نظر شخص يفعلها, ربما لديه وجهة نظر أخرى عن العمالة الوافدة و بالتالي هذا هو تسبب تصرفه

للأسف هي عملية تعود أخي الكريم ، وأنا أكره هذا الفعل وأعاتب نفسي إذا صدر مني
الابن ينشأ في ظل والده ، يذهب معه إلى البقالة يسمعه ينادي لأي شخص لا يعرفه ب محمد ، ثم يذهب به إلى المطعم ، ثم إلى ........... فماذا تتوقع منه عندما يكبر

وهكذا

مثلما تجد في قرية من ينادي أمه بكلمة ( ماما ) أو ( أمي ) أو ( ياماه) أو ( مامي ) كلٌ حسب البيئة التي تربى فيها وحسب ما سمعت أذناه


وكما أجد من يكثر من كلمة محمد لأي شخص لا يعرفه أجد أيضًا من يرفض هذه الكلمة ولا ينادي إلا بكلمة يا صديق

وبصراحة لمحو هذا الفعل تحتاج إلى توعية كبير تبدأ من البيت ثم المدرسة ، ولعل الله ينفع بهذا المقال من يفعل هذا الفعل ويكون له أثر إيجابي عليه وعلى أولاده.

وهناك أخي من الأمور ما هو أصعب :
حيث أن بعض المسلمين في كثير من البلدان العربية وأنا كنت واحدًا منهم نقول ( والنبي ) أو ( وحياتي ) عند الحلف

وهذا كله حلف بغير الله وهو لا يجوز


حتى أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يقول ( لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا )

وإن كان كلهما محرم إلا أن الحلف بالله كاذبا من الكبائر ولكن الحلف بغير الله من الشرك .

هناك الكثير والكثير من الأمور أخي

$ABU FAHAD$
19-05-2010, 21:51
لا فض فوك اخي العزيز ,,,
و مثل ما تفضل به الافاضل قبلي بأنها ثقافة مجتمع و تحتاج لعملية تثقيفية توعوية و لمدة ليست بالهينة حتى تزال مثل هذه التصرفات ,, و انا اعني هنا تصرف الطفل او المقيم مع العمالة الوافدة ,,

أما بالنسبة لكلمة محمد هي عادة لربما هي قبيحة الان و لكن منشأها بداية كان جميل , في الماضي لم يكن من العمالة الوافدة الكثير و ان وجد فجلهم ان لم يكن كلهم من المسلمين و ما سمي بمحمد الا لدلالة اسلامية من باب انه يناديه يا اخي المسلم و بما ان رسولنا الكريم هو عنوان الاسلام فقد نشأ هذا اللفظ و المناداة ب يا محمد ,,, و انتشرت الان و عمت و بدأت الاجيال تتلاقفها جيلا عن جيل من باب التقليد لا المعنى و اصبحت تطلق على كل من هب و دب سواء المسلم او الكافر ,,,

في المجمل كلا النقطتين تحتاج لتربية و توعية و الاهل هم الركيزة و المنطلق في مثل هذه المواضيع ...

تحياتي لك